في موقف عاصف ومهيب يقف الحق وحيدا أمام جحافل الباطل والظغيان، فقد اجتمع الناس لتأييد الباطل، وتجهز السحرة للإجهاز على الحق .. يخيم الصمت على المكان يرتفع صوت يقول: " فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى " { طه64} .
" قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى " { طه 65} .
"قَالَ بَلْ أَلْقُوا "{ طه66} .
"فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ " {الشعراء44}.
" فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى " { طه66} .
" فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى " {طه 67} .
"قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى "{ طه 68
وهكذا دعاة الباطل في كل زمان ومكان يحاولون إخافة المؤمنين بأكاذيبهم، وضلالهم وحقدهم، وإعلامهم، وتضامنهم مع الطواغيت.
يلقون بكل أسلحتهم في ساحة المعركة، يخاف المؤمن من سطوتهم وجبروتهم وطغيانهم.
يأتيه المدد الإلهي ليثبت فؤاده ويقويه " لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى "{ طه 68} أنت الأعلى في العقيدة، فأنت تعبد الله وحده لا شريك له رب كل شئ ومليكه، وهم يعبدون المادة والطاغوت والإعلام الكاذب وكل شيطان مريد.
أنت الأعلى في الإيمان لأنك تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى رب كل شئ ومليكه، لا يقع في ملكه إلا ما يشاء وهم لا يؤمنون بذلك
أنت الأعلى في العلم واليقين لأنك تعلم أن هذه الحياة الدنيا سريعة الزوال، وأن الإنسان يسير إلى الأجل المحتوم، والمرض يحيط بالطغاة من كل مكان، والهموم تقتلهم في كل زمان ومكان، والخوف على الحياة الدنيا والحرص عليها أذلهم وجعلهم كالجرذان، فإن فاتهم المرض وأمد الله لهم في الدنيا فيزداد طغيانهم حتى إذا جاءهم الموت أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، هذه سنة الله تعالى في هذه الحياة الدنيا. ينادي الله تعالى موسى "وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى "{ طه69}.
إن كل ما يقومون به في هذه الحياة الدنيا من دعايات، وكتابات وإدعاءات هي من السحر والباطل، فعلى المؤمنين ألا يرعبهم هذا السحر وهذا الباطل، وعليهم بالعلم النافع، والعمل الصالح، وتعمير الكون بنواميس الله في الخلق، عليهم باتخاذ الأساليب العلمية الحديثة في الإعلام، والإعلان، والبيان، وأن يلقوا بالحقائق العلمية المدروسة على هذا الباطل فيزهقه، وهذا يلقي على عاتق المؤمنين أن يكونوا على مستوى المسئولية، ومستوى الأحداث، وأن يخططوا للنصر على الطغاة والمرجفين بإذن الله.
"فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ "{ الشعراء 45} .
" إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى "{ طه69} .
لا يصمد الباطل الكاذب أمام الحق الصادق القوي.